(إلى علي أنوزلا في محنة أخرى لحرية التعبير في بلادي)
حكاياتنا مع الحول لا نهاية لها ! نعتقد اننا نرى جيدا و لا نخطئ الأهداف التي تركز عليها أعيننا ! لكننا في الحقيقة لا نرى بالمقياس الذي يكذب علينا به طبيب العيون كلما زرناه كي نغير نظاراتنا الطبية !
حينما نريد أن نشير إلى شخص ما ،فإن الذي نعينه بالاشارة يضطر لسؤالنا عن اي شخص نقصد ! و حين نذهب لطبيب الأسنان أو صانع الأسنان ،نحتار في تحديد الضرس الذي يؤلمنا طوال الليل و النهار ! و حين نود ان نسافر نحتار في الطريق الأقل مسافة إلى المدينة التي نرغب الوصول إليها بسرعة !
و لهذا الحول كوارث لا تحصى في حياتنا الخاصة و العامة،فمصممو الطرق حتى لا نقول مهندسيها ،يركزون على جعلنا أكثر حولا ! يتقصدون جعل طرق عدة في بداية اي مشوار ،و حين تسرع تجد علامة تحديد السرعة مباشرة وبعدها بمائة متر قد تجد علامة إمكانية الإسراع إلى حد المائة في الساعة ! و من الغرائب أنك قد تجد المدينة أمامك مباشرة بعد الشروع في الدوس بقوة على البنزين ! حينها ينبت أمامك من عدم شرطي للمرور !
و كثير من الناس الحيارى من شدة هذا الحول الذهني ،يفقدون الضرس غير المريض لخطإ في التحديد ، و لا يكون من الطبيب أو ميكانيكي الاسنان إلا أن ينزع الهدف مرة ثانية ! فتخرج بثلاث خسائر:خسارة ضرسين و مبلغ مضاعف !
ومن حوادث الحول في بلادنا أن حملة قتل الكلاب المسكينة التي يسمونها الضالة ،لا تحيد عن مبدإ الحول ذاك ! فقتلة الكلاب بالسم يختارون دائما ضحاياهم المهادنين المتعودين على الناس ! وكثيرا ما قتلت قطط بلحم مسموم ،أو كلاب خرجت لتأدية واجب الطبيعة أو لبت نداء الإنسان ! وتبقى الكلاب الضالة الحقيقية طليقة حرة ! فهي لا تأمن للإنسان ،و لا تود طعامه ،بل منها ما لا يقترب نهائيا من اللحم المسموم !
هي مبدعة في فن الهروب إذا ما رأت قاتليها ،و مبدعة في العض المؤلم القاتل إن استفردت بك ليلا أوذات صباح باكر و انت تهم بشراء حفاظة طفلك !
أظن أن قتلة تلك الكلاب هم ايضا يخافونها ،فهي خطيرة و تهجم بشراسة ،و تميز من معها و من ضدها ! حتى أن البعض استحلى أن يأتي بعدد من جثث المخلوقات الأليفة موهما مسؤوليه أنه أمضى يوم عمل جدي !
بلادنا بكثير من أناسها و مسؤوليها حولاء ،و كأنه قد أتى زمن اعتبار الحول من آيات الجمال ،فكثيرا ما تخطئ الهدف الحقيقي ،و الضرس المريض ،و العلامة المرورية الصائبة ! و النتيجة الخطيرة أننا أصبحنا لا نستطيع فتح أفواهنا كي لا تقتلع باقي الأضراس ،و لا نستطيع الائتمان على أنفسنا و جيوبنا من علامات مرورية خادعة أو كلاب ضالة تعوي كالذئاب في ليل بلادنا الذي لا يريد ان ينتهي !!!
freeanouzla#
medmarakchi@yahoo.fr