وكما أن المغاربة يدعون في أسواقهم إلى ان يجعل الله "الغفلة" بين البائع و الشاري ، فإن السياسة المغربية على نفس حال أسواقنا و احوال البيع و الشراء المنبني على "الغفلة" و سذاجة المتلقي/الشاري!
ويظهر وكأن المغاربة قد استبدلوا القول المأثور في حديثه عن الحرب الخدعة إلى جعل كل شيء فيه علاقة بين اثنين يتقايضان و كأنه حرب ضروس لا بد أن يكون الخداع سيد الموقف فيها! و لأن المغاربة كلهم مسقيين بـ"مغرفة" واحدة ، فإن سياسييهم لا يشذون عن القاعدة!!
لقد اعتقد الكثير من السذج أن بعض الشعارات السياسوية الانتخاية"غير المعترف بها"،و التي كانت تسوق خفية دون الاشارة اليها في أوراق الدعاية التي تنتهي عند بائعي الزريعة و المراحيض العمومية ، ستنتهي الى التطبيق مع مجيء حكومة يقال و الله أعلم أنها اسلامية! حيث آمن الكثيرون من هؤلاء أن اصل البلاء في كل مشاكل البلاد هي "البلية" التي خربت بيوت الناس و أنزلت أسرا بكاملها إلى درك أسفل من المشاكل الاجتماعية التي لا تنتهي دوامتها إن هي بدأت!
لقد كان ينتظر "ناس" الدعاية الانتخابية المغرضة أن يقوم الحزب الديني بإنهاء استهلاك الخمور ، و ايقاف نزيف التدخين اللذين أتيا على عقول و جيوب و حياة الناس في البلاد! كانوا ينتظرون وعدا سيفي به من يدعون صبح مساء أنهم أوصياء على اخلاق المغاربة التي اتخذوخا بابا لدعاية سياسية اختزلت كل مشاكل البلاد و ازماتها و فقرها و تبعيتها و قلة حيلتها في الاخلاق!
لكن ، و لو أن هؤلاء الناس استفاقوا على زيف شعارات الاخوان المغاربة الذين لا يكون فمهم على قدر ايديهم إلا في الامتداد إلى جيوب الفقراء، فإنهم بمعرفتهم أن المدخنين يساهمون لخزينة الدولة بما يقارب 8 ملايير و 193 مليون درهم ، متجاوزين بذلك كل ما تخصصه الدولة من ميزانيتها لموظفي قطاع الصحة كلهم المعادل لــ7 ملايير و 368 مليون درهم!!
و إذا زدنا مستهلكي الخمور الذين يتعامل معهم الامن بمنطق الشيزوفرينيا "اطلع تاكل الكرموص" ،فإننا سنجد أن ما يستخلص من ضرائب يصل إلى 793 مليون درهم للبيرة لوحدها ،بينما يصل مبلغ الرسوم على المشروبات الاخرى 524 مليون درهم!
لقد كانت جميلة و مفزعة في الآن نفسه إشارة "الصباح" في عددها الاسبوعي الاخير إلى أن المدخنين و السكارى يتجاوزون بمساهمتهم حصة اتصالات المغرب و المكتب الشريف للفوسفاط مرتين ، و يناهزون مساهمة كل المؤسسات العمومية مجتمعة!!
فكيف إذن لساذج ان يثق في شعار انتخابي و سياسي "كونتربوند" انكشف في اطار تطبيق الاسلاميين المغاربة لمقولة "أكل الغلة و سب الملة"!!!
ومع كل هذا و ذاك ، الله يعفو على الجميع...!
medmarakchi@yahoo.fr