من قال إن حليب الشركات المغربية الذي يسوق للمواطنين منذ زمن مهم لاستمرار الحياة؟!! إذ لا يظن أغلب المغاربة أن يوما أو عاما بدون حليب السوق سيكون كارثة على البلاد و العباد! لذلك فإني لاأرى أن أمر زيادة سعره المفاجئة دون استحضار ظروف الناس و أزماتهم مشكلة من الأساس!!
لقد تعود المغاربة منذ قديم الزمن على التعامل مع الحليب كمادة لا يمكن استهلاكها بشكل يومي ،و لا تقدم إلا حين الحاجة أو لتبييض وجه العائلة البدوية أمام زوارها،و لم يكن ابدا يشكل ضرورة حياتية(!) إلى أن جاءت شركات الحليب المبستر(!) فــ"بسترت" حياتنا مثلما فعلت كل شركات "تربية الاستهلاك"!
لم يكن يسمع المغاربة عن هشاشة العظام و لا أمراض تسمم الأغذية و المشروبات و لا تحول الحليب إلى"رايب" أو غير صالح للغليان إلا مع ظهور هذه المنتوجات المبسترة ، و لا نعتقد أنه يوجد من المغاربة من يستطيع أن يؤكد أن جدته التي عاشت طفولتها في زمن الريال الحسني كانت لا تستطيع أن تفطر إذا لم يكون حليب السوق على مائدة إفطارها!!
لقد كان المغاربة بسطاء ،على قدر حصيرتهم يمدون أرجلهم ، ولازالوا كذلك إلا من أراد وتعود تلك العادة القبيحة على رؤية سائل أبيض على مائدته يقال عنه إنه حليب ! لذلك فمسألة الزيادة في ثمن حليب السوق لا يعدو ان يكون إجراء أبله يعبر عن عدم فهم "الحليبيين" للمغاربة إن قرروا العودة إلى الأيام الخوالي التي لا يشترون فيها لتر حليب إلا إذا كانوا يهمون لعيادة مريض ،أو لتبييض سعد عروس في ليلة زفافها!!
فعلا ، أجد أن الدعوة إلى الامتناع عن شراء الحليب الذي زاد ثمنه فجأة ليوم أو يومين مناسبة للرد على مثل هذا الاستهتار بجيوب الناس المثقلة بالفراغ القاتل ،لكني لأول مرة أجد صدى حقيقيا لمقولات البدويين المستهزئة من الماء الأبيض الذي نشتريه يوميا مثل البلهاء..إنه ليس مهما بالمرة حليبهم الزائد أو الناقص في ثمنه و دليلي أني لم أر بدويا واحدا يتعب نفسه في شرائه!
الأمر سهل فالحياة بلا حليبهم ذاك أحسن و ابسط و اسهل ، بل و أسهل من البكاء على "قهيوة" بحليب ،فلن تصبح عظامنا أشلاء من جراء نقص حليب هؤلاء(!) كما لن تجتاحنا الأمراض التي يبدو ان حليب "الحمارة" أصبح اكثر جدوى في "علاجها" من حليب السوق المبستر!!!
لننس حليبهم ، وكأنه لم يكن ! كما لم يكن من قبل...
medmarakchi@yahoo.fr
لقد تعود المغاربة منذ قديم الزمن على التعامل مع الحليب كمادة لا يمكن استهلاكها بشكل يومي ،و لا تقدم إلا حين الحاجة أو لتبييض وجه العائلة البدوية أمام زوارها،و لم يكن ابدا يشكل ضرورة حياتية(!) إلى أن جاءت شركات الحليب المبستر(!) فــ"بسترت" حياتنا مثلما فعلت كل شركات "تربية الاستهلاك"!
لم يكن يسمع المغاربة عن هشاشة العظام و لا أمراض تسمم الأغذية و المشروبات و لا تحول الحليب إلى"رايب" أو غير صالح للغليان إلا مع ظهور هذه المنتوجات المبسترة ، و لا نعتقد أنه يوجد من المغاربة من يستطيع أن يؤكد أن جدته التي عاشت طفولتها في زمن الريال الحسني كانت لا تستطيع أن تفطر إذا لم يكون حليب السوق على مائدة إفطارها!!
لقد كان المغاربة بسطاء ،على قدر حصيرتهم يمدون أرجلهم ، ولازالوا كذلك إلا من أراد وتعود تلك العادة القبيحة على رؤية سائل أبيض على مائدته يقال عنه إنه حليب ! لذلك فمسألة الزيادة في ثمن حليب السوق لا يعدو ان يكون إجراء أبله يعبر عن عدم فهم "الحليبيين" للمغاربة إن قرروا العودة إلى الأيام الخوالي التي لا يشترون فيها لتر حليب إلا إذا كانوا يهمون لعيادة مريض ،أو لتبييض سعد عروس في ليلة زفافها!!
فعلا ، أجد أن الدعوة إلى الامتناع عن شراء الحليب الذي زاد ثمنه فجأة ليوم أو يومين مناسبة للرد على مثل هذا الاستهتار بجيوب الناس المثقلة بالفراغ القاتل ،لكني لأول مرة أجد صدى حقيقيا لمقولات البدويين المستهزئة من الماء الأبيض الذي نشتريه يوميا مثل البلهاء..إنه ليس مهما بالمرة حليبهم الزائد أو الناقص في ثمنه و دليلي أني لم أر بدويا واحدا يتعب نفسه في شرائه!
الأمر سهل فالحياة بلا حليبهم ذاك أحسن و ابسط و اسهل ، بل و أسهل من البكاء على "قهيوة" بحليب ،فلن تصبح عظامنا أشلاء من جراء نقص حليب هؤلاء(!) كما لن تجتاحنا الأمراض التي يبدو ان حليب "الحمارة" أصبح اكثر جدوى في "علاجها" من حليب السوق المبستر!!!
لننس حليبهم ، وكأنه لم يكن ! كما لم يكن من قبل...
medmarakchi@yahoo.fr