لنا أن نتصور أن بلدا مثل المغرب الذي يجر وراءه كباقي دول العالم آلاف السنوات من الحضارة و التنوع الثقافي لا يصدر فيه في السنة وما طالت سوى ألفي عنوان كتاب جديد! نحن الذين لدينا من المتعلمين ملايين من الطلبة و التلاميذ و الموظفين الرسميين الذين يتباهون بشواهدهم لأجل الترقية لاغير ، و جيشا عرمرم من نساء و رجال التعليم الذين يشكلون في أي بلد القاعدة الاساسية التي يشتغل عليها قطاع اقتصادي مهم اسمه “صناعة الكتاب”!
غير منطقي او مقبول بالمرة أن يكون المعدل بتقسيم الفي كتاب بنسخ الواحد منها التي لا تتجاوز الالف على 35 مليون مغربي هو 0,05714286 كتابا للمواطن!!! رقم مفزع في بلد يدعي فيه الجميع المعرفة والقدرة على الفهم و التحليل السياسي و الاقتصادي و الرياضي ! ولا يكاد يوجد شخص لا يعتبر نفسه جزءا لايتجزأ من النخبة!
لو أن هذه الأكذوبة التي نحياها و تسكن وعينا صحيحة لما كان انتاج الكتب و تأليفها بهذه الصورة الكارثية! ولما كان الكتاب الأكثر مبيعا في البلاد هو الكتاب المدرسي!وهو الآخر يجسد نفس الأزمة من حيث كونه كتابا لا يقرأ..!
أتساءل عن مهن الكتاب التي تنقرض و العائلات المرتبطة بالدخل منه بالقدر الذي أحس بالألم الذي يسكن كل كاتبة أو كاتب لا يستطيع أن يصدر كتابا يعرف فيما يشبه اليقين أن لن يشتريه أحد! فيهرب إلى تخزين كلامه و كلماته بين جناحي ذاكرته بدل أن يتأبط كامبيالات دين أو نسخا يوزع نصفها مجانا على أصدقاء ومتنطعين يحبون الحصول على نسخ لايقرؤونها أبدا! كيف سنتعلم اقتناء كتاب ونحن نتحين الفرص لقراءة جريدة واحدة يأتي بها صديق “مغفل” إلى المقهى؟! أو نقرأ مجلات الثمانينات في محل حلاق يريد منا أن نلهو بصور صقيلة بدل رؤية رأس الزبون الذي سبقنا و هو يتحول رويدا رويدا إلى صحراء قاحلة مضحكة !!
medmarakchi@yahoo.fr